الآن بات بإمكانك إجراء كافة معاملاتك المالية عبر شبكة الإنترنت. فتسديد الفواتير وتحويل الأموال إلى بلد آخر وشراء ما ترغب فيه من المواقع والدفع ببطاقتك الائتمانية أمور أصبحت متاحة. إلا أن الهجمات السيبرانية تشكل خطراً على تلك المعاملات فيمكن لهجوم واحد تعطيل آلاف المعاملات المالية.

وفقاً لأحدث الإحصائيات فإن عدد الهجمات السيبرانية تضاعف ثلاث مرات خلال العقد الماضي. تزامناً مع الاعتماد المتزايد على المعاملات المالية الإلكترونية. ما شكّل تهديداً واضحاً لاستقرار الأسواق المالية والخدمات المصرفية على مستوى دول العالم.

تكمن خطورة الهجمات السيبرانية في أنها لا تتسبب فقط بتعطيل الخدمات المالية المقدمة من مؤسسة أو مصرف ما في إحدى الدول. بل تمتد تداعيات ذلك الهجوم لتشمل تأثيرات متفاوتة على النظام المالي العالمي في كافة دول العالم.

كل هذا يؤدي إلى خوف الكثيرين من إجراء معاملات مالية إلكترونية تحسباً من عدم قدرة الأنظمة المصرفية على إتمام عملياتهم المالية. بسبب تعطل السيولة وعدم قدرتهم على التعامل مع ودائعهم ومدفوعاتهم. ما يدفعهم إلى المطالبة باسترداد أموالهم وإلغاء حساباتهم.

في الماضي كنا نشاهد في الأفلام العالمية القراصنة بملابس رثة وأسلحة بدائية يهاجمون من أجل سرقة مال وأغذية ومنتجات. أما الآن فباتت القرصنة لا تتطلب هذا الجهد. بل يمكن فعلها خلال مكوث المهاجم في غرفته. ورغم قلة تكلفتها الآن إلا أن ضررها أكبر عن السابق خاصة مع انتشار الأجهزة التقنية.

كيف يمكن الحد من الهجمات السيبرانية؟

تتم الهجمات السيبرانية إلكترونياً وتستهدف دول العالم. وهو ما يفرض التنسيق دولياً للحد من مخاطر الجريمة السيبرانية. فاضطلاع المؤسسات المالية بصيانة الشبكات وتحديث البرمجيات ضمن الأمن السيبراني لا يكفي القيام به بشكل فردي. بل عبر النظام المالي ككل لحمايته من تداعيات تنفيذ أي هجمات.

كما أن من ضمن أسباب نجاح الهجمات السيبرانية في تحقيق أهدافها: ضعف استعدادات الأنظمة المالية للدول وعدم وجود تنسيق دولي كافٍ. لهذا السبب يجب اتخاذ عدة خطوات تضامنية لتعزيز الأمن السيبراني وضمان الاستقرار المالي العالمي.

أولى هذه الخطوات “إعداد خرائط سيبرانية” هدفها تحديد البنية التحتية الضعيفة وبيان أهم الروابط التكنولوجية لدعم الأمن السيبراني. كما أن فهم المخاطر المحتملة عن أي هجوم يساعد في تخفيف أثره على النظام المالي العالمي. بل ويسهم في وضع خطة واضحة لمواجهته والتنسيق بين الدول للتعامل معه.

كيف يساهم التعاون الدولي في مجال الأمن السيبراني؟

لا شك أن التعاون الدولي في مجال الأمن السيبراني يسهم في خفض التكلفة التشغيلية وتقوية البنية التحتية للأسواق المالية. وهذا يمثل الخطوة الثانية في تعزيز الأمن السيبراني. ما يزيد من قدرة الأنظمة على الاستجابة لأية هجوم سيبراني واستئناف عملياتها المالية بسرعة وكفاءة.

لكن تنفيذ استراتيجيات تعزيز الأمن السيبراني لا تزال ضعيفة في الدول ذات الدخل المنخفض. ما يزيد من الحاجة إلى تعزيز التعاون العابر للحدود لدعم هذه الدول عند اللزوم. لأن تداعيات أي هجوم عليها يمتد إلى أنظمة دول العالم كافة.

تدور ثالث خطوات تعزيز الأمن السيبراني حول وضع بروتوكولات لتبادل المعلومات والبيانات بين الأجهزة الرقابية والبنوك المركزية دولياً. سواء حول التهديدات المحتملة أو الهجمات السيبرانية وكيفية الاستجابة لمواجهتها في القطاعين العام أو الخاص.

بالإضافة إلى تكوين قوة ردع دولية وهي رابع خطوة في سبيل تعزيز الأمن السيبراني. ويتم ذلك عبر التعاون بين أجهزة الدول الأمنية والجهات المعنية بأسواق المال. فكما أن القراصنة “الهاكرز” ينفذون هجماتهم العابرة للحدود فعلى الدول تنسيق التعاون فيما بينها دون أن تكون الحدود عائقاً في ذلك.

في النهاية من أجل تعزيز قدرات الدول ذات الدخل المنخفض في مجالات الأمن السيبراني ينبغي تقديم مساعدات اقتصادية وتقنية لها. بهدف دعم الشمول المالي وتعزيز القدرات التقنية التي تدعمها في مواجهة مخاطر الهجمات السيبرانية. خاصة مع زيادة إمكانية تعرضها لتلك الهجمات الضارة.