لا شك أن أولى الخطوات المتبعة عند حل الأزمات والنزاعات هي “الحوار والتفاوض” للوصول إلى حل مشترك يرضي أطراف الأزمة. وفي هذه الحالة على كل طرف تقديم تنازلات للوقوف عند نقطة تفاهم مرضية للجميع. وهذا ما يحدث بين زملاء العمل وداخل المنظمة الواحدة أو بين المنظمات حول العقود بينهم. بصفة عامة لنجاح عملية التفاوض هناك ضرورة لفهم آلياتها وأنواعها. كما أن هناك عدداً من المهارات المطلوب توافرها في المفاوض Negotiation Skills. مثل مهارات التواصل والقدرة على الإقناع والتخطيط الجيد والعمل الجماعي. وتختلف هذه المهارات حسب طبيعة الأزمة وأطرافها.

من مقومات المفاوض الناجح: امتلاكه مهارات تواصل جيدة تمكنه من قراءة الإشارات الجسدية من الآخرين. إلى جانب القدرة على التعبير عن ذاته وبدء حوار مدعوم بالحجج والبراهين مع أطراف الأزمة التي يستهدف حلها. ويستلزم ذلك ضرورة الاستماع والإنصات للآخرين لعدم الوقوع في سوء تفاهم معهم.

التواصل والاستماع الجيدان لأطراف الأزمة عند التفاوض يتطلب معه قدرة على الإقناع. للوصول إلى تفاهمات مشتركة يتقبلها الجميع دون إبداء أي اعتراضات. ولا يعد امتلاك هذه المقومات كافياً لإنجاح هذه العملية. بل يجب أن يرافقها التخطيط الجيد لأنه يترتب عليه تحديد بنود الاتفاقيات وكيفية سريانها.

توفر الخطة البديلة يعد جزءاً أصيلاً من مهارة التخطيط والتفكير الاستراتيجي لدى المفاوض. فمن الوارد فشل خطته الرئيسية في حل الأزمة. لذا يفضل أن يضع جميع النتائج المحتملة قيد الدراسة وإعداد خطط أو سيناريوهات أخرى في حال فشل إحداها.

تندرج نتائج التفاوض ضمن قسمين إما الربح لجميع الأطراف أو ربح طرف على حساب الآخر. كما ينقسم إلى عدة أنواع هي التوزيعي والتكاملي والإداري والتفاوض مع زملاء العمل والبائعين. ففي النوع الأول “التفاوض التوزيعي” يحاول فيه طرفا الأزمة الوصول إلى اتفاق يخدم كلّ واحد منهما على حدة.

ما هو التفاوض التكاملي؟

في التفاوض التكاملي يسعى الجميع إلى الاستفادة من الاتفاق. لكن الأمر يستغرق وقتاً أطول. أما التفاوض “الإداري” فتتسم بيئته بالتوتر والريبة ونجده عند إجراء مقابلات التوظيف مع الرئيس الأعلى. حيث التفاوض على قيمة الراتب ومميزات الوظيفة ومهامها.

أما داخل المنظمة الواحدة حيث العمل الجماعي فعلى الموظف أن يكون لديه القدرة على التفاوض لحل أي خلاف قد ينشأ مع زملائه. سواء حول ساعات العمل أو توزيع المهام الوظيفية. فذلك يؤثر بشكل كبير على علاقاته المهنية ونجاحه في مجاله.

إن تطوير قدراتك التفاوضية ليس بالأمر العسير. فما عليك سوى تحديد هدفك من الاتفاق قبل البدء في هذه العملية. مع بناء روابط اجتماعية جيدة مع الآخرين لتخفيف الضغوط والتوصل لاتفاق سريعاً. كما يساعد فهمك لاحتياجاتك على تحديد الأشياء التي يمكن التضحية بها في سبيل التوصل إلى اتفاق.

من جهة أخرى لا يُحبّذ ترك التفاوض مفتوح المدة. بل إن وضع جدول زمني أمر مرغوب فيه لجدية التوصل إلى حل دون مماطلة. ولإنجاز الأمر بشكل أسرع ضع خيارات متعددة لاختيار أي منها. مع إبراز ثقتك بنفسك أمامهم عبر لغة الجسد ونبرة الصوت والكلمات المستخدمة لتسهيل عملية قبول عرضك.

في النهاية إن وضع الأمور في نصابها الصحيح يسهّل كثيراً على المفاوض رؤية الأمور وإصلاحها في حال فشل التفاوض. فمثلاً تحديد نقاط ضعفه وعلاجها مثل مهاراته في الإقناع إن كان بحاجة لمزيد من التدريب مع المقربين له ضمن محيطه لتعزيزها.